كشف الأمين العام لحزب الاستقلال، نزار بركة، أن “الميزان” ارتكز في إعداد تصوره بشأن تحيين وتفصيل مبادرة الحكم الذاتي بالصحراء المغربية تنفيذا للتوجيهات الملكية السامية، على مجموعة من المبادئ الكبرى الموجهة بصدد تنزيل هذا الاستحقاق الاستراتيجي بالنسبة لحاضر ومستقبل المغرب.
وأشار بركة، في عرضه السياسي والتنظيمي أمام المجلس الوطني، إلى أن المبدأ الأول هو الوحدة الوطنية، مؤكداً أن نظام الحكم الذاتي يجب أن يندرج ضمن الثوابت الجامعة للأمة التي يكرّسها دستور المملكة، بما يضمن الحفاظ على وحدة التراب، ويعزز التماسك بين مختلف مكونات المجتمع المغربي دون التفريط في أي مقوم من مقومات السيادة الوطنية.
وأوضح الأمين العام للميزان أن المبدأ الثاني هو المصير المشترك، الذي يقوم على الارتباط العضوي لنظام الحكم الذاتي بالمشروع المجتمعي الوطني القائم على فعلية الحقوق والحريات، وتحقيق العدالة الاجتماعية والتوزيع المنصف لمنافع التنمية، وتوفير أسباب الحياة الكريمة والارتقاء الاجتماعي للمواطنات والمواطنين أينما كانوا في ربوع الدولة المغربية الموحدة.
وأضاف بركة أن المبدأ الثالث يتمثل في التنظيم اللامركزي للمملكة، القائم على الجهوية المتقدمة كما هو وارد في الفصل الأول من الدستور، مشيراً إلى أن الحكم الذاتي ليس سوى امتداد لهذا النمط من الحكامة الترابية، التي تمنح للأقاليم الجنوبية اختصاصات موسعة وفق مبادئ التفريع والتدبير الحر، لتمكينها من اتخاذ القرارات المرتبطة بتدبير شؤون الساكنة في إطار الديمقراطية المحلية.
وأكد المتحدث أن التدرج في الانتقال إلى الحكم الذاتي يعد ثابتاً أساسياً، من خلال اعتماد وتيرة مدروسة وحثيثة تتيح اختبار الآليات المؤسساتية والإدارية الجديدة تدريجياً، لضمان نجاعة المنظومة ومطابقتها للدستور وتوافقها مع المصالح الوطنية.
كما أبرز نزار بركة أن المبدأ الرابع هو الإصلاح التدريجي والتطور المتواصل في ظل الاستقرار، منوهاً بالمكتسبات التي تحققت على مدى الخمسين سنة الماضية في تنمية الأقاليم الجنوبية، وخاصة خلال السنوات العشر الأخيرة، إذ شهدت الأقاليم تفعيل النموذج التنموي الجديد الذي أحدث تحولاً جذرياً على عدة مستويات: البنيات التحتية والتجهيزات الأساسية، والمؤهلات الاقتصادية والاستثمارية، والتنمية البشرية والمستدامة بما في ذلك تثمين الثقافة الحسانية، الأمر الذي انعكس إيجابياً على ظروف عيش الساكنة.
وأكد نزار بركة أن المبدأ الخامس هو التوازن والتضامن، الذي يضمن العدالة المجالية وتقليص الفوارق الاجتماعية والاقتصادية داخل جهة الحكم الذاتي وبينها وبين باقي جهات المملكة، مع تعزيز الشراكات الترابية بين الجهة والأقاليم المجاورة، في إطار تنمية مشتركة تتيح خلق فرص اقتصادية جديدة، وتعبئة الموارد والمشاريع لضمان الاستدامة الاقتصادية والرفاه الاجتماعي المشترك، بما يعزز التماسك والاستقرار ويقوي الوحدة الوطنية.
وأشار نزار بركة إلى أن المبدأ السادس والأخير يرتكز على الإدماج والمشاركة، من خلال توفير بيئة حميدة جامعة للمصالحة وتعزيز الرابط الاجتماعي بين مختلف مكونات الساكنة المحلية، ومعالجة تراكمات الماضي، وفتح آفاق جديدة للثقة والعيش المشترك، بما يشمل المغاربة العائدين من مخيمات تندوف، وضمان مشاركتهم النشيطة في صنع القرار المحلي وفي الحياة العامة والاجتماعية والثقافية، وتمكينهم من المشاركة في دينامية خلق الثروة وتطوير المبادرات المحلية.
وأكد أن هذا المسار التشاركي يعزز التماسك الاجتماعي ويكرّس الاستقرار السياسي من خلال بناء تعاقد جديد قائم على الثقة المتبادلة والعدالة المجالية والمساهمة المشتركة في التنمية المستدامة داخل جهة الحكم الذاتي في ظل السيادة الوطنية.
وعبر نزار بركة عن اعتزاز الحزب بالتحول الاستراتيجي والتاريخي في قضية وحدتنا الترابية، القاضي بالاعتراف الأممي بمغربية الصحراء، منوهاً بمقترح الحكم الذاتي كأساس عملي وواقعي لحل النزاع المفتعل الذي دام أكثر من نصف قرن، والذي أصبح تاريخ اعتماده مناسبة وطنية تحت اسم “عيد الوحدة” بقرار ملكي، للتعبير عن التمسك بمقدسات البلاد وحقوقها المشروعة.
وأكد نزار بركة أن هذه اللحظة الفارقة تقتضي من الحزب مسؤولية مضاعفة، ليكون في صدارة التعبئة الوطنية والتجنّد الدائم بكل مؤسساته وهيئاته وروابطه المهنية ومناضلاته ومناضليه، للمساهمة في بلورة مقومات ومعالم الحكم الذاتي وحسن تنزيله على أرض الواقع، من خلال تعبئة الفكر الاستقلالي وذكائه الجماعي لتقديم اقتراحات قابلة للتطبيق لرفعها، كغيره من الأحزاب الوطنية، إلى الديوان الملكي.
وشدد الأمين العام لحزب الاستقلال على أن هذه اللحظة تستوجب تعبئة شاملة، والمساهمة بفعالية في الإجماع الوطني لتقوية الجبهة الداخلية الموحدة، وتحصين المكتسبات الوحدوية، والتعريف بمبادرة الحكم الذاتي وتفصيلها، وحماية تنزيلها من التشويش والتحريف، ورفع اليقظة لحماية المسار التفاوضي بشأنها من التعطيل والعرقلة.
وأشار نزار بركة إلى أن حزب الاستقلال، الذي كان حاضراً في جميع المحطات التاريخية والتحررية والدستورية والديمقراطية والتنموية، مدعو ليكون في قلب ورش تكريس السيادة الترابية الشاملة والمساهمة في كسب رهان تنزيل الحكم الذاتي تحت السيادة المغربية، مستفيداً من حضوره الوازن في الأقاليم الجنوبية، ورئاسته لجهتي العيون الساقية الحمراء والداخلة وادي الذهب، وترؤسه لعدة جماعات ترابية، مما يؤهله للاضطلاع بدور مركزي في تعريف مضامين الحكم الذاتي ومميزاته، وتعبئة الساكنة للانخراط الواسع في إنجاح تنزيل المقترح تحت السيادة المغربية.
قد يهمك أيضــــــــــــــا