قدمت الحكومة السودانية رسمياً رؤيتها تجاه الهدنة الإنسانية المقترحة من “الرباعية الدولية”، في خطوة دبلوماسية مهمة ضمن جهود مستمرة لإنهاء النزاع الدموي الذي يعصف بالبلاد منذ أكثر من عامين.
الوثيقة التي سُلّمت إلى مجموعة العمل التابعة للرباعية — المكوّنة من الولايات المتحدة، المملكة العربية السعودية، مصر، وإثيوبيا — تهدف إلى وضع حد للمعاناة الإنسانية، والتنسيق بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع، من مقر المجموعة في العاصمة المصرية القاهرة.
مصدر حكومي رفيع المستوى أكد أن الوثيقة تضمنت تفاصيل دقيقة حول كيفية تنفيذ الهدنة، بما في ذلك آليات حماية المدنيين وتسهيل وصول المساعدات الإنسانية إلى المناطق الأكثر تضرراً.
في المقابل، كشف دبلوماسي غربي مطلع على الملف لـ”سودان تربيون”، أن الرباعية لم ترفض الرؤية السودانية، لكنها تواصل التشبث بالمقترح الأصلي الذي قُدم في واشنطن، مع الاستعداد لاتخاذ خطوات عملية لفرض الهدنة بالقوة إذا استمرت الانتهاكات الواسعة لحقوق الإنسان والهجمات المكثفة على المدنيين.
وفي تطور ميداني، نفت منصة “القدرات العسكرية السودانية”، التابعة للجيش، ما أعلنه البعض عن تحقيق قوات الدعم السريع “نصراً ميدانياً” في مدينة الفاشر، ووصفت تلك المزاعم بأنها مجرد “نصر بالوكالة” نفّذه مرتزقة أجانب.
المنصة أضافت أن مجموعات مسلحة أجنبية، من كولومبيا وأوكرانيا، شاركت في تشغيل الطائرات المسيرة ومنظومات الدفاع الجوي والمدفعية، بينما تولى مرتزقة من إفريقيا الوسطى وتشاد ومالي والنيجر وجنوب السودان القتال المباشر داخل المدينة، بالإضافة إلى إدارة الإمدادات وحفر الخنادق.
وأكد البيان أن هذه العناصر ليست جزءاً من الجيش السوداني، بل تُستخدم لدعم تقدم قوات الدعم السريع في ظل محدودية قدراتها المحلية.
على صعيد آخر، حذر الناطق الرسمي باسم حكومة ولاية شمال كردفان، عبد المطلب عبد العال، من استمرار الهجمات المكثفة على مدينة الأبيض، مشدداً على أن المدينة “ستظل عصية على الدعم السريع، والنصر قريب بإذن الله”.
تأتي هذه التطورات في وقت يواصل فيه السودان مواجهة تحديات إنسانية وأمنية كبيرة، بينما تزداد الضغوط الدولية على الأطراف السودانية للجلوس إلى طاولة الحوار ووقف القتال بشكل عاجل.
السودان.. الاستخبارات العسكرية تضبط فتاة تتزعم خلية زرع شرائح لتوجيه مسيرات “الدعم السريع”
أعلنت الاستخبارات العسكرية السودانية القبض على فتاة و12 شخصًا، يشكلون شبكة كانت تعمل على زرع أجهزة وشرائح إلكترونية لرفع إحداثيات المسيرات وتسليمها لقوات “الدعم السريع”.
وأفادت مصادر مطلعة أن العملية الأمنية تمت بالتنسيق مع فرع الاستخبارات في مدينة الدمازين، وتم إحباط أهداف الخلية في زعزعة الأمن بعدة محاور داخل إقليم النيل الأزرق.
وأوضحت المصادر أن الخلية كانت متخصصة في إدخال شرائح ورفع إحداثيات لمسيرات معادية، وقد تم ضبط عدد من الأجهزة المساعدة خلال العملية.
وأشار المصدر إلى أن عملية الاقتحام جاءت بعد رصد تحركات مشبوهة ومتابعة استخبارية دقيقة أدت إلى توقيف المشتبه بهم وتفكيك مخزون من المواد والأدوات المستخدمة في التخريب، ضمن خطوة عملية لقطع الإمداد.
وقد نفذت وحدات مشتركة من الاستخبارات العسكرية بالدمازين مداهمات متزامنة واحترافية بعد جمع المعلومات الميدانية التي قادت إلى العملية.
وشملت المضبوطات خلال التفتيش شرائح إلكترونية وأجهزة اتصال وأدوات تقنية لزرع وتعطيل أنظمة المركبات، إضافة إلى مستندات وخرائط توحي بتخطيط مسبق لاستهداف نقاط حساسة.
وأكدت المصادر أن العملية جاءت ضمن سلسلة مهام تهدف إلى حماية المدنيين وتأمين الطرق والممرات الإنسانية.
مصر تخطط لمشروع زراعي استراتيجي في شمال السودان لتأمين غذائها
تخطط مصر لتنفيذ مشروع زراعي ضخم في شمال السودان يهدف إلى زراعة مليون فدان خلال ثلاث سنوات، تبدأ المرحلة الأولى بزراعة 250 ألف فدان في العام المقبل، وفق مصادر مطلعة.
ووفقا لوكالة بلومبرغ، تشمل المحاصيل المستهدفة في المرحلة الأولى القمح، الذرة، فول الصويا، والأرز، في إطار جهود مصر لتعزيز أمنها الغذائي وتقليل الاعتماد على الواردات، مع الاستفادة من الأراضي الخصبة في شمال السودان.
وجاء هذا الاتفاق خلال اجتماع عقد في منتصف أكتوبر الماضي بين وزير الزراعة المصري ونظيره السوداني، حيث تم بحث سُبل تعزيز التعاون الزراعي وتحديد آليات تنفيذ المشروع المشترك.
وأشار المسؤولون إلى أن وزارة الزراعة المصرية ستتولى حشد القطاع الخاص والمستثمرين الراغبين في التوسع بالسودان عبر تقديم الدعم الفني والتنظيمي، بينما ستوفر الحكومة السودانية الأراضي الزراعية اللازمة وتسهّل الإجراءات القانونية واللوجستية.
وأكد المسؤولون أن نجاح المشروع مرتبط بشكل مباشر باستقرار الأوضاع الأمنية في شمال السودان، وهو شرط أساسي لجذب الاستثمارات وضمان استدامة الإنتاج.
كما طالب الوزير السوداني بزيادة صادرات الأسمدة المصرية إلى بلاده من 200 ألف طن إلى 250 ألف طن سنويًا، واستيراد كميات كبيرة من تقاوي القمح والذرة عالية الجودة لدعم الإنتاج المحلي ورفع كفاءة المحاصيل.
ويعتبر المشروع خطوة نوعية في العلاقات الزراعية بين البلدين، إذ يتحول التعاون من التقليدي إلى شراكة استراتيجية تجمع بين الموارد الأرضية السودانية والخبرات الزراعية والتقنية المصرية، في ظل التحديات العالمية المتزايدة على صعيد الأمن الغذائي.